دعوة للمشاركة في مؤتمر حول إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي بتنظيم مشترك بين
جمعية الدراسات الدولية وجامعة الأخوين (المملكة المغربية)
من 21 إلى 23 يونيو 2023
إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي: المجتمع، الدولة، والتضامن
الموعد النهائي لتقديم الطلبات هو 31 كانون الثاني- يناير 2023
تواصل إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي جذب اهتمام كبير من الدراسات في العلاقات الدولية نظرًا لطبيعة التغيير الواسع النطاق الذي شهدناه منذ العقد الماضي. أدى سقوط نظام الفصل العنصري، والصراعات الداخلية المختلفة في عام 1990 والتي شكلت اساساً لكثير من السياسات في العقود التالية، والانتفاضات العربية كما الصحوة في افريقيا التي تزامنت معها، كما التعبئة المجتمعية المستمرة، إلى إحداث تغييرات هيكلية في النظم الحاكمة أثرت بشكل مباشر على حياة الناس اليومية. فقد أجرت الحكومات انتخابات، وأقامت إصلاحات تمثيلية، في الوقت الذي أغلقت أيضًا بعض المجالات السياسية، وقامت بأمننة مجموعة واسعة من السلوكيات والأفكار.
علاوة على ذلك، شهدت المجتمعات تغيرات اجتماعية واقتصادية سريعة تنوعت في اتجاهاتها ودرجتها، ولكنها تشاركت في بعض الأنماط. ومن أوجه الشبه وجود نقاط ضعف هيكلية في صيرورة التنمية في مجتمعات إفريقية وشرق أوسطية ومغاربية على الرغم من مرورها بتحولات كبيرة منذ ما بعد الكولونيالية في قطاعات اجتماعية (مثل التوسع المدني و النمو السكاني) واقتصادية (مثل النمو والتنوع الإنتاجي) وسياسية (مثل التمكين الذاتي لفواعل مجتمعية). تشمل نقاط الضعف تقلباً في مستويات النمو، الهجرة القسرية، ارتفاع معدلات الفقر، سوء إدارة التوسع المدني والحضري، الاستبعاد الاجتماعي وعدم المساواة، عدم المساواة بين الجنسين، وبطالة الشباب. تشمل العوامل التي قمعت الإمكانات المحلية وزادت من التناقضات المتأصلة استمرار الحكم الاستبدادي، إدخال نماذج تنموية تتبع مبادئ الليبرالية الجديدة مع ضوابط ضعيفة لا تلحظ بالضرورة الحاجات المحلية، والضغوط من جهات خارجية وخاصة القوى الكولونيالية السابقة. احد اهم تأثيرات الاضطرابات الداخلية هو زيادة الحوافز عند الافراد للنزوح والهجرة داخل حدود الدول وعبرها؛ وفي حين أن تحركات السكان الأكثر أهمية من حيث العدد تحدث داخل إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي، فإن النزوح يحدث أيضًا نحو الخارج، وخاصة نحو أوروبا.
وأخيرًا ، جاءت علاقات القوة مع أوروبا والعالم الغربي عبرتقاطعت التغيرات أعلاه مع نزاعات مستدامة بين الدول وداخلها، واد التقاطعات الى تفاقم انعدام الأمن الإقليمي. على وجه الخصوص، اتسع عدد وضراوة المنافسات التي لطالما كانت سمة من سمات النظام الإقليمي في إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي. اهم تبعات هذه المنافسات هي اذكاء شعور عام بعدم الاستقرار السياسي، تعريض عمليات بناء الدولة المحلية للخطر، المساهمة في انتشار الفاعلين المتقاتلين من غير الدول، وحفزت تدويل النزاعات المحلية والحروب الأهلية. بالتالي تشهد إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي ارتفاعًا في انتقال العناصر والأيديولوجيات المتشددة، وانتشار الأسلحة، وإحساسًا باليأس بين المدنيين يحرك الانتقال بحثًا عن ظروف معيشية أفضل (مما يغذي الهجرة القسرية). حشدت مثل هذه الآثار لانعدام الأمن الإقليمي اهتمامات من اطرافاً دولية وإقليمية، وحفزت تغيرات سياسية عدة مثل توسع عمليات حفظ السلام، تبادل المعلومات الاستخباراتية للحد من مصادر التهديد المتصورة، والجهود التنموية لزيادة ارتباط الأفراد في بناء مجتمعهم المحلي (مثل السور الأخضر العظيم في منطقة الساحل). اي، ولعدة اسباب، نرى تضامناً بين الحكومات لإدارة امنها ولأمننة ما تراه تهديداً لها، من دون بوادر نحو تغيير جوهري في العلاقات الإقليمية ينقلها بعيداً عن التنافس.
رديفاً لما سبق، عملت المجتمعات والدول الإفريقية والشرق أوسطية والمغاربية بشكل متزايد في العقد الماضي على إعادة تحديد جوهر علاقاتها مع النواة الصناعية العالمية ومع القوى الكولونيالية السابقة بطرق تُظهر مزيدًا من الاستقلال والابتعاد عن علاقات الهيمنة القديمة. في خضم إعادة رسم اطر العلاقات الدولية لدول المناطق المذكورة، ساهم التواجد العالمي المتزايد للصين إلى تكثيف النقاشات القائمة حول الاستراتيجية المرجوة من الصين والدول الصاعدة بشكل عام وإسهاماتها في تلبية الاحتياجات المحلية.
ما يستحق الإضاءة هو أنه في خضم التحولات المحلية والإقليمية والعالمية، كانت المجتمعات الأفريقية والشرق أوسطية والمغاربية تشحذ مقدراتها وتضامنها من خلال سرديات مفعمة بالأمل. في صميم هذه السرديات تكمن فكرة تقرير المصير والتي تعود بها المجتمعات دوماً بأشكال متجددة، ونراها تتجلى بأشكال تضامن جديدة مثل التواصل عبر لغات واشكال متعددة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال تطوير تكتيكات نشاط جديدة للتنصل من الهياكل القمعية القائمة، والأهم من ذلك، من خلال بناء المجتمعات من خلال العودة للقاعدة الشعبية.
ختاماً، كان العامان الأخيران مثقلان بالصدمات التي ما زالت تردداتها تؤثر في عمل الحكومات ودينامية مجتمعاتها. في حين أن إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي حققت تقدمًا اقتصاديًا كبيرًا مع تأثيرات إيجابية كبيرة على بعض سكانها في شكل نمو النتاج المحلي الإجمالي (في المقام الأول من بيع الهيدروكربونات)، وتحسن في مؤشر التنمية البشرية، ترزح بعض الدول تحت ثقل الفقر ويعاني سكانها من قدر عالٍ من انعدام الأمن الوجودي. على هذه الخلفية، تم اجهاد قدرات الحكومات مع جائحة COVID-19 ، وفي الانقطاع العالمي المستمر في سلاسل التوريد، والحرب في أوروبا التي أدت إلى تفاقم الهشاشة الاقتصادية لشرائح كبيرة من السكان في وقت لا تزال الحلول غائبة. لذا، يقدم التقاء والاختلاف في الأنماط المذكورة فرصة لدراستها في المنطقة الأفريقية وفي الشرق الأوسط والمغرب العربي، كما في الجنوب العالمي، ومقاربتها من وجهات نظر عابرة للتخصصات.
يهدف مؤتمرنا إلى استجواب الطرق التي تتم بها دراسة إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي في مجال الدراسات الدولية من منظار عابر للتخصصات. يبدو أن التغيير في إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي يفوق قدرة الدراسة الاكاديمية على فهم نطاقه وتأثيره. فالاختلافات المذكورة أعلاه داخل إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي، كمناطق جغرافية، تحمل في طياتها تعقيداً حول كيفية دراستها يغذي افتراقات منهجية وحقلية. نحن مهتمون بشكل خاص بتحليل جديد للتجارب المحلية والعلاقات المحلية-الدولية. نود دراسة واستشكال الموضوعات التالية: ما الذي تهتم به الدراسات الاكاديمية المحلية، خصوصاً في محاور المؤتمر اعلاه؟ ما هي اللغات التي تُعقد فيها النقاشات المحلية وما هي وسائل الاتصال التي يستخدمها الباحثون والباحثات لتبادل الأفكار؟ ما هي العوامل الميسرة أو المقيدة التي تواجه الآليات المحلية لإنتاج المعرفة؟
علاوة على ذلك، كيف تموضع الأطر النظرية المطورة محليًا نفسها في نقاشات عالمية أوسع، لا سيما في مناقشات من جميع أنحاء الجنوب العالمي؟ ما الذي يمكن أن يتعلمه مجال العلاقات الدولية على وجه الخصوص من المحادثات والأفكار المحلية؟ كيف تؤثر المناقشات النظرية القائمة في دراسة العلاقات الدولية على الإنتاج المعرفي في إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي؟ ما الذي تشترك فيه الدراسات من (وعلى) إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي مع المساهمات الناشئة في الجنوب العالمي؟ على سبيل المثال، كيف نفهم التحولات في الأنظمة الإقليمية كمناطق سلام أو مناطق استقرار أو مناطق حرب؟ ماذا يمكن أن تخبرنا فئات الدول الضعيفة أو الهشة عن التأثير المجتمعي، عن النموذج الويستفالي (المثالي) للدول، وعن الموروثات والسيطرة الكولونيالية؟ الأهم من ذلك، كيف يمكن للمقاربات في الدراسة الأكاديمية للعلاقات الدولية في تحليلها لأفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي أن تفسر انتشار ودور مختلف أشكال الجهات الفاعلة غير الحكومية؟
أخيرًا، كيف يؤثر التغيير في السياسة العالمية على السياسات الإقليمية والوطنية في إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي؟ كيف تؤثر السياسة في إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب الكبير على جداول الأعمال السياسية والاقتصادية الدولية؟ كيف يمكننا فهم فاعلية الدول والمجتمعات المحلية في أوقات التنافس بين القوى العظمى العالمية؟ ربما الأهم من ذلك، كيف يمكننا رصد وتفسير التضامنات المتزايدة داخل الجنوب العالمي، والتي نرى انعكاساً لها في إفريقيا والشرق الأوسط والمغرب العربي؟